### **فن أحواش وارتباطاته بأفريقيا**
يعد **فن أحواش** من الفنون الشعبية التقليدية التي تزخر بها الثقافة الأمازيغية في المغرب، وهو لون من ألوان التعبير الفني الذي يجمع بين الرقص والغناء والإيقاع في قالب احتفالي. تعكس عروض أحواش مظاهر التلاحم الاجتماعي، حيث يتم أداؤه غالبًا في المناسبات الكبرى مثل الأعراس والمواسم والمهرجانات.
#### **جذور فن أحواش**
يرتبط أحواش بالمناطق الأمازيغية، خصوصًا في سوس والأطلس الكبير والصغير، حيث يحمل في طياته معاني تاريخية وتراثية تعكس التقاليد المحلية. يتألف من مجموعة من الراقصين والراقصات الذين يشكلون صفوفًا متراصة ويتحركون بتناغم وفق إيقاعات الطبول والدفوف.
#### **الارتباطات الأفريقية لفن أحواش**
على الرغم من أن أحواش يعتبر فناً أمازيغياً محلياً، إلا أن له امتدادات واضحة نحو عمق **الثقافات الأفريقية**، حيث يمكن ملاحظة أوجه التشابه في:
1. **الإيقاعات الموسيقية**:
- يشترك أحواش مع الفنون الأفريقية في الاستخدام المكثف للطبول والإيقاعات القوية التي تلعب دورًا محوريًا في الرقصات الجماعية.
- تتشابه بعض إيقاعات أحواش مع الإيقاعات الموجودة في موسيقى غرب أفريقيا، خاصة في الطقوس الاحتفالية التي تستخدم فيها الطبول التقليدية.
2. **الرقص الجماعي والتعبير الحركي**:
- الرقص في أحواش يعتمد على التناغم الجماعي، وهو سمة مشتركة في الرقصات الأفريقية التقليدية مثل **الرقص السنغالي والمالي**.
- بعض الحركات والإيماءات الجسدية التي تُستخدم في أحواش تشبه الرقصات الأفريقية التي تعتمد على الإيقاع والتفاعل الجماعي.
3. **الاحتفالات والمناسبات**:
- مثل الفنون الأفريقية، يُستخدم أحواش في التعبير عن الفرح الجماعي خلال المناسبات الاجتماعية والدينية، مما يجعله جزءًا من **التواصل الثقافي الأفريقي المشترك**.
4. **التقاليد الشفوية**:
- يعتمد فن أحواش على الشعر والأهازيج المتناغمة، وهو ما يتشابه مع تقاليد الشعر الغنائي الأفريقي الذي يتم تناقله شفويًا عبر الأجيال.
### **القواسم المشتركة بين فن أحواش والفنون الأفريقية**
فن أحواش، كأحد الفنون الأمازيغية الأصيلة، يتقاطع مع الفنون الأفريقية في عدة جوانب، مما يعكس التفاعل الثقافي العميق بين شمال أفريقيا وجنوبها. يمكن تلخيص أبرز القواسم المشتركة بين أحواش والفنون الأفريقية في النقاط التالية:
#### **1. الإيقاعات الموسيقية**
- يعتمد كل من أحواش والفنون الأفريقية على الطبول والإيقاع كأساس للأداء الفني.
- الإيقاعات المتكررة والمكثفة هي سمة مشتركة بينهما، حيث تُستخدم **الدفوف والطبل الكبير** في أحواش، بينما تستعمل الفنون الأفريقية **الجيمبي والطبول التقليدية الأخرى**.
- التأثير الإيقاعي يخلق جوًا احتفاليًا يشجع على التفاعل الجماعي والحركة المنتظمة.
#### **2. الرقص الجماعي**
- في كلا الفنين، يكون الرقص جماعيًا ومنسجمًا، حيث يؤدي المشاركون حركات متكررة بتناغم مع الإيقاع.
- الرقص في أحواش يتم ضمن **صفوف متراصة** أو **حلقات دائرية**، وهو نفس الشكل الذي يظهر في العديد من الرقصات الأفريقية التقليدية.
- الاعتماد على الحركات الجسدية التعبيرية للتواصل مع الجمهور ونقل المشاعر.
#### **3. التعبير الاحتفالي والمناسبات الاجتماعية**
- يُؤدى أحواش والفنون الأفريقية في **المهرجانات والمناسبات الاجتماعية الكبرى** مثل الأعراس، المواسم، الأعياد، وطقوس العبور (مثل الاحتفالات بمرحلة البلوغ).
- الهدف من الأداء ليس فقط الترفيه، بل أيضًا تعزيز الهوية الجماعية وتقوية الروابط الاجتماعية.
#### **4. التقاليد الشفوية والشعر الغنائي**
- يعتمد أحواش على **الشعر المرتجل والغناء التفاعلي**، وهو ما يشترك فيه مع الفنون الأفريقية التي تعتمد على **السرد الشفهي والمقامات الغنائية** لنقل الحكايات والتاريخ الشعبي.
- استخدام الأسلوب التبادلي في الأداء، حيث يردد الحاضرون أو المشاركون جزءًا من الأهازيج بعد المؤدي الرئيسي، وهي تقنية منتشرة في أفريقيا جنوب الصحراء.
#### **5. الملابس التقليدية وزخرفة الجسد**
- ترتبط الأزياء في أحواش والفنون الأفريقية بالتقاليد المحلية، حيث يرتدي المشاركون في أحواش **الجلباب الأمازيغي المزخرف والعمامات والأحزمة التقليدية**، في حين يعتمد الراقصون الأفارقة على **الأقمشة المزخرفة والإكسسوارات المصنوعة من الخرز والجلد**.
- بعض الفنون الأفريقية تتضمن **الرسم على الجسد بالحناء أو الألوان الطبيعية**، وهو تقليد موجود أيضًا في الثقافة الأمازيغية.
#### **6. البعد الروحي والديني**
- يرتبط أحواش والفنون الأفريقية بأبعاد روحية، حيث تُستخدم الموسيقى والرقص في بعض الأحيان **كوسيلة للتقرب من القوى الغيبية أو كجزء من الطقوس الدينية**.
- في بعض المجتمعات الأفريقية، تؤدى الرقصات كنوع من **التضرع والاحتفاء بالطبيعة**، وهو ما يتشابه مع الطابع الاحتفالي والرمزي في أحواش.
.### **أمثلة على القواسم المشتركة بين فن أحواش والفنون الأفريقية**
#### **1. الإيقاعات الموسيقية**
- في **أحواش**: يعتمد الإيقاع على الطبول الكبيرة مثل **الناقوس والطبل والدف**، حيث يُضبط إيقاع الرقصة وفق دقات متناسقة تصاحب الأهازيج الجماعية.
- في **الموسيقى الأفريقية**: تُستخدم الطبول مثل **الجيمبي (Djembe) والباتا (Bata) والكونغا (Conga)** في غرب أفريقيا، وتؤدي نفس الدور في ضبط الإيقاع والحفاظ على وحدة الأداء الجماعي.
🔹 **مثال تطبيقي**: إيقاع أحواش يشبه إلى حد كبير الإيقاعات المستخدمة في **رقصة السابار السنغالية**، حيث يتم توجيه الراقصين من خلال ضربات الطبول المتكررة والقوية.
#### **2. الرقص الجماعي**
- في **أحواش**: يصطف الراقصون في صف واحد أو دائري، يؤدون حركات متزامنة بتناسق مع الإيقاع، ويتم تبادل الأدوار بين الرجال والنساء.
- في **الرقصات الأفريقية**: مثل **رقصة "أغبادزا" (Agbadza) في غانا**، و**رقصة "غومبي" (Gumbe) في غينيا بيساو**، يتم تنفيذ الرقصات في مجموعات متراصة بحركات إيقاعية جماعية.
🔹 **مثال تطبيقي**: رقصة "إيسيكواتا" (Isicathulo) الجنوب أفريقية، المعروفة برقصة الأحذية المطاطية، تشبه حركات أحواش في انسجام الحركة مع الإيقاع الصوتي الجماعي.
#### **3. التقاليد الشفوية والشعر الغنائي**
- في **أحواش**: تعتمد الأهازيج على الشعر المرتجل باللغة الأمازيغية، حيث يتم التفاعل بين فرد أو مجموعة تؤدي الأشعار ومجموعة ترد عليها بشكل إيقاعي.
- في **الفنون الأفريقية**: مثل **فن "الغريوت" (Griot) في مالي والسنغال**، يعتمد الشعر الغنائي على **التفاعل بين الراوي والجمهور**، حيث يروي الأحداث والأساطير بأسلوب شعري موسيقي.
🔹 **مثال تطبيقي**: فن "البالافون" (Balafon) وهو شكل من أشكال الأداء الغنائي التقليدي في غرب أفريقيا، يشابه فن أحواش في كونه معتمدًا على الأهازيج التفاعلية.
#### **4. الملابس التقليدية وزخرفة الجسد**
- في **أحواش**: يرتدي الرجال **الجلباب الأبيض أو الأزرق مع العمامة أو الطربوش**، بينما ترتدي النساء **القفطان الأمازيغي الملون والمزخرف بالحلي الفضية**.
- في **الفنون الأفريقية**: مثلًا في **احتفالات "ماسكي" (Maski) في نيجيريا**، تُستخدم الأزياء التقليدية المطرزة، كما يتم ارتداء الحلي والخرز الملون.
🔹 **مثال تطبيقي**: تشابه أزياء الراقصين في أحواش مع أزياء راقصي **"البوغارو" (Bugaro) في بوركينا فاسو**، حيث يعتمد كلاهما على الألوان الزاهية والزخرفة اليدوية.
#### **5. البعد الروحي والطقوسي**
- في **أحواش**: أحيانًا يتم أداء الرقصات في المناسبات الدينية والروحية، مثل الاحتفال بالمواسم الزراعية أو المناسبات الوطنية.
- في **الفنون الأفريقية**: تُستخدم الرقصات في الطقوس الروحية مثل **"رقصة الأوبانغ" (Obang) في الكاميرون**، التي تقام لاستحضار البركات والطاقة الروحية.
🔹 **مثال تطبيقي**: **"رقصة الزار" في السودان** التي تعتمد على الإيقاع والرقص الجماعي مثل أحواش، وتُؤدى في مناسبات طقوسية تقليدية.